حكمة هذه الأيام: عن تلك الأيام، بس طويلة شوية

في يومين زي دول الواحد فعلا بيكتشف المسافة الرهيبة اللي بقت بين شخصيته من 15 سنة وشخصيته دلوقت..

الواحد ممكن يصيغ الألآف من التبريرات والأسباب المنطقية، لنفسه وللعالم، بس هاتفضل المسافة دي موجودة، وغير قابلة للحذف! على الأقل لوجود ناس عاشتها معاك وشاهدة عليها، وقادرة تحكيها وترويها مهما طال الزمن وتغيرت الظروف. حتى من باب حكي القهاوي وأنشطة قتل الملل في الزيارات العائلية.

دائما ما كان عندي حب عميق لقراءة التاريخ، مع سؤال دائم يشغلني، نحن مثلا في نقطة تاريخية ما، هامة جدا وعميقة وشديدة التأثير، وبعدها بسنوات قليلة تذهب القصة، إلى منحنى آخر جديد، لحياة جديدة وهموم ومشكلات أخرى. كنت دائما ما يشغلني هذا السؤال: كيف حدث ذلك؟ كيف نسوا؟ ما الذي تغير؟ كيف تجري الأحداث بهذه السرعة والعنف؟ وكيف يكرر البشر اخطائهم بكل هذا الإصرار؟

اليوم انا لا احب التاريخ، اصبحت أضعه في مساحة المعلومات العامة، وأعتبره باب من ابواب التسلية، فرصة سعيدة جدا للنوم السريع لو شغلته كقصص مسموعة على يوتيوب. نزعت عنه في قلبي الصبغة الإنسانية للأحداث، التي سأجدها في الفن والأدب مثلا لأصبح مؤمنا أكثر بجدوى ممارسة الفن والأدب أكثر من أي وقت مضى، وعلي العكس سأهتم أكثر بالتوثيق. لأنني ومع كراهيتي الجديدة العميقة للتاريخ، أدركت أهمية ان نروي قصصنا أكثر، قصصنا نحن لا تاريخ القرارات والبيانات.

لا افكر كثيرا في لماذا تغيرت؟ أو كيف؟ المهم هو ما انا عليه الان، وما أعتبره داخل السيناريو الخاص ومعانا ولا برة. التركيز على صناعة قصتك الشخصية، برغم كل شيء هو تفكير ليس برجماتيا علي الإطلاق، لأن ببساطة الوقت يمضي، واهتمامك بالقضايا الكبرى ينسيك بالتأكيد المنتج الأصلي الذي هو انت. اصبحت أهتم اكثر بما أعيشه وأراه بعيوني، وأنحاز له عن رغبة حقيقية صادقة، وبكل شغف العالم.

شيير مع حبايبك: